قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " و الجلابيب هي الملاحف التي تعمّ الرّأس و البدن و تسمِّيها العامّة الأُزُر, و تُسمِّي الجلباب : الملاءة" .
أمّا الحجاب في الشّرع فله معنيان :
الأوّل هو ما تقدّم ؛ أي بمعنى الجلباب الذي يستُر المرأة من قرن رأسها إلى قدمها بالشّروط الشّرعية .
ويدلّ على هذا المعنى ما روته عائشة - رضي الله عنها - في حادثة الإفك
فقالت :" خرجتُ مع رسول الله r بعد ما نزل الحجاب ..إلى أن قالت : فأتاني - يعني: صفوان بن المعطّل - فعرفني حين رآني , وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني , فخمرتُ وجهي بجلبابي ..." الحديث(7) فلم تفرّق - رضي الله عنها - بين الحجاب والجلباب وجعلتهما شيئا واحدا .
أمَّا المعنى الثّاني : فهو ما يحجب شخص المرأة من جدار أو ستر ونحوهما , وهذا في البيت عندما تكون غير متجلببة ولا مختمرة ؛ فلا
تبرز على حالها كما قال الله - تعالى - :
]َوإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ] الأحزاب53
قال البغوي : " أي : من وراء ستر " .
وقال الشَّوكاني : " أي من وراء ستر بينكم وبينهنّ ".
وقد أشار لهذا الفرق شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقال :" آية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن , وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن " .
ومن ثمَّ فالحجاب المأمورة به الأخت المسلمة خارج البيت هو الجلباب وليس فقط - كما شاع عند كثير من النّساء - الدّرع والخمار , وإليك جملة من النّصوص تدلّ على هذا مدعّمة بأقوال العلماء .
1- عن أمّ عطية - رضي الله عنها - قالت :" أمرنا رسول الله أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحُيَّض وذوات الخدور...
قلت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : "تلبسها أختها من جلبابها "
2- عن عائشة - رضي الله عنها- قالت : " كان الرّكبان يمرّون بنا ونحن مع رسول الله r مُحرمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها" .
3- وعنها أيضا - رضي الله عنها- في الحديث السابق - حديث الإفك- قالت :" فخمرت - وفي رواية : سترتُ - وجهي عنه بجلبابي ...".
4- وعن عاصم الأحول قال :" كنّا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقّبت به , فنقول لها : يرحمك الله ! قال الله تعالى :
]وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ] [النور 60] - وهو الجلباب - قال : فتقول لنا: فأي شيء بعد ذلك ؟
فنقول : [وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ]فتقول : هو إثبات الجلباب" .
ومن الأدلّة على وجوب الجلباب فوق الخمار هذه الآية الواردة في الحديث , ووجه الدّلالة منها ؛ أنّه أباح للقواعد (وهنّ اللاتي لا يُطمع فيهنّ لكبرهن) أنْ يضعن الجلباب , ويبقين بالخمار , قال ابن مسعود : " يضعن ثيابهن : الجلباب " .
وقال مثله جمع من الصحابة والتّابعين ؛ كابن عبّاس وابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والأوزاعي .
قال أبو صالح : " تضع الجلباب، وتقوم بين يدي الرَّجل في الدِّرع والخمار".
قال سعيد بن جبير في قوله تعالى :يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ، يُسدلن عليّْهن منْ جلابيبهن , وهو القِناع فوق الخمار, ولا يحلّ لمسلمة
أنْ يراها غريب إلاّ أن يكون عليها القناع فوق الخمار , وشدّت به رأسها ونحرها ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :" فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن ".
وقال العلاّمة أنور الكشميري - رحمه الله - :" وعُلم منه أنّ الجلباب مطلوب عند الخروج , وأنَّها لا تخرج إنْ لم يكن لها جلباب , والجلباب رداء ساتر من القرن إلى القدم ".
وقال العلاّمة الألباني - رحمه الله - :
" فالحق الذي يقتضِيه العمل بما في آيتي النّور والأحزاب ؛ أنّ المرأة يجب عليها إذا خرجت من دارها أنْ تختمر وتلبس الجلباب على الخمار؛ لأنّه كما قلنا : أسْتر لها وأبعد عن أنْ يصف حجم رأسها وأكتافها , وهذا أمر يطلبه الشّارع ... ثمّ قال : واعلم أنّ هذا الجمع بين الخمار والجلباب من المرأة إذا خرجت قد أخلّ به جماهير النّساء المسلمات ؛ فإنّ الواقع منهنّ إمّا الجلباب وحده على رؤوسهن أو الخمار , وقد يكون غير سابغ في بعضهن كالذي يُسمّى اليوم " الإشَارب " ؛ بحيث ينْكشف منهنّ بعض ما حرّم الله عليهن أنْ يظهر من زينتهن الباطنة كالشّعر من النّاصية أو الرّقبة مثلا ... أفما آن للنّساء الصّالحات حيثما كنّ أنْ ينْتبهن من غفلتهن ويتّقين الله في أنفسهن ويضعن الجلابيب على خُمرهن" .
ضِفي إلى ذلك أنَّ الشِّروط المطلوبة في اللّباس الشّرعي ؛ لا تتوفر إلاّ
في الجلباب , والله الموفق للصّواب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نسال الله ان يهدي التونسيات و يرجع السفساري سترة و حشمة مثل ذي قبل
و ربي يهدينا جميعا الى ما يحبه و يرضاه