وتشير المصادر التاريخية الى ان الخليفة يعقوب المنصور استوحى فكرة تصميم مدينة الرباط من مدينة الاسكندرية المصرية، واختار ان تمتد رقعة المدينة نحو الجنوب الشرقي حتى تلتقي بمدينة سلا عبر قنطرة معلقة فوق نهر أبي رقراق. وفي الوقت الحاضر فإن الزائر للرباط يلحظ بوضوح ان العديد من معالمها الأثرية لا تزال باقية شاهدة على تاريخها المشرق حيث يمتد السور الموحدي بالمدينة والذي بناه يعقوب المنصور على طول 5263 متراً غربي وجنوبي المدينة ويبلغ سمكه المترين ونصف المتر ويصل علوه الى عشرة أمتار ويوجد فوق السور ممر للحراسة يدعمه حاجز قوي فيه ثغرات للمراقبة في بعض المواضع ويشتمل هذا السور على ما يقارب 74 برجاً فيها سبعة تمتد في برج “الصراط” الى باب “العلو” وتسعة الى باب “الحد” وأربعة وعشرون الى الجهة المطلة على نهر أبي رقراق.
وتبلغ المساحة الداخلية المحاطة بالأسوار الموحدية 418 هكتاراً ينفذ الداخل إليها من خمسة أبواب وهي من جهة الغرب.. باب العلو وباب الأحد، باب الرواح، وباب القيادة المحازي للقصر الملكي ومن جهة الجنوب باب زعير، وما زال السور الموحدي متيناً قوي الدعائم رغم مرور ثمانية قرون على تأسيسه حيث كان قد تم بناؤه خلال العقد الأخير من القرن السادس الهجري.
وأبواب السور الموحدي هي:
* “باب العلو” الذي يبعد عن المحيط الأطلسي 544 متراً ويشكل هيكلاً ضخماً طوله 19،2 متر وعلوه 10،85 متر، تعلوه أبراج نقشت على أحجاره كتابات مع صور سيف وخناجر وصورة قوس يحمل سهماً نحو الأعلى.
* “باب الأحد” (او باب الحد) لا يختلف كثيراً عن باب العلو ويقع على بعد 505 أمتار منه وتجدد بناؤه عام 1229 في عهد السلطان المولى سليمان.
* “باب الرواح” يقع على مسافة 1021 متراً عن باب الحد من ناحية الجنوب وهو أضخم وأعظم أبواب السور الموحدي وأكثرها تنميقاً وأروعها جمالاً، ارتفاعه 12 متراً وعرضه 28 متراً، خضع لبعض الاصلاحات والتوسعات من أجل مواكبة النمو العمراني وبسبب الازدحام الذي تعرفه مدينة الرباط وحتى تسهل عمليات حركة السيارات.
* “باب القيادة” (داخل القصر الملكي) ويقع على بعد 884 متراً من باب الرواح ويبلغ 21 متراً عرضاً و22 عمقاً.
* “باب زعير” يقع على الطريق المؤدية الى اقليم زعير، يبلغ طوله 12،59 متر وعمقه 18،24 متر ويشبه في تخطيطه باب العلو.
أما أبواب السور الأندلسي فهي:
* “الباب الجديد” او “باب التبن” تقوس في ثاني محرم 1205ه، اختفت معالمه بالهدم مع دار البارود عند قيام المصالح البلدية بتوسيع السوق المركزي الحالي.
* “باب البويبة” المؤدي الى جامع مولاي سليمان.
* “باب شالة” المؤدي الى الجامع الكبير ومجموعة مدارس محمد الخامس شيده المولى سليمان في عام 1228ه.
* “باب التلغراف المؤدي الى الملاح” حي قديم كان يسكنه اليهود بالمدينة القديمة، وشارع القناصيل فتح في أوائل عهد الاحتلال وسمي بذلك لمجاورته لمركز اللاسلكي قبل افتتاح بناية البريد.
* “باب الملاح الجديد” قرب برج سيدي مخلوف حيث يوجد داخل السور سوق للخضر والفواكه والمعروف بالسويقة.
أما السور العلوي فقد فتحت فيه أربعة أبواب، باب “القبيبات” من جهة البحر وما زال قائماً وباب “تامسنا” او باب “تمارة” في طريق تمارة تميزت بعض ملامحه بفضل التطور المعماري، باب “مراكش” وما زال قائماً الى الآن خلف حديقة التجارب، وباب “المصلى” سمي كذلك لقربه من المصلى الحالي.
ومن الأبواب المحدثة هناك أيضاً “باب البحر” من ناحية مدينة سلا المقابلة للرباط على الضفة الأخرى لنهر أبي رقراق وهو الباب الذي تقوس سنة 1204ه و”باب تقويسة الراعي” الذي يحمل كتابات يعود تاريخها الى عهد السلطان سيدي محمد بن عبدالله، لم يبق لها أثر، وباب آخر يعرف بتقويسة الطرافة “الاسكافيين” جدد في عهد السلطان عبدالعزيز 1315ه ويؤدي الى شارع الجزاء وقد هدم بعد الاستقلال لتسهيل حركة المرور.
الرباط.. او مدينة التاريخ ما زالت وفية لآثار القدماء بهذه الأبواب العديدة التي تدخلنا التاريخ المكتوب عبر عبقرية المكان.