حرية ما أجملك
«
على قدر حريتك تكون إنسانيتك»
تبدو المقولة منطقية للغاية وتتفق مع روح الإسلام، فالخالق جل في علاه منح الإنسان حرية واسعة، أهمها الحرية في الإيمان من عدمه، فالحرية حق إنساني أصيل،
يقول الكواكبي
«
ولا شك أن الحرية أعز شيء على الإنسان بعد حياته، وبفقدانها تفقد الآمال، وتبطل الأعمال، وتموت النفوس، وتتعطل الشرائع، وتختل القوانين».
وفي لسان العرب أن كلمة الحر من كل شي ء هي أعتقه وأحسنه وأصوبه، والشيء الحر هو كل شيء فاخر، وفي الأفعال هو الفعل الحسن.
الحرية هي البروتين الذي يغذي خلايا الإنسانية في الروح، وكلمة التوحيد «
لا إله إلا الله» هي من أرفع وأسمى كلمات الحرية لأنها تطلق للإنسان حريته من عبودية الأفكار والأشخاص والخرافات والأساطير، وتربطه بالله تعالي الذي أعطاه الحرية في أن يؤمن به أو لا يؤمن.
وكان فقهاؤنا الأوائل يرون أنه ليس لمستكره طلاق وينسحب هذا الموقف على كافة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لأنه إذا غابت الحرية تغيب الإرادة والمسؤولية عن الفعل،
وكان العلامة التونسي الطاهر بن عاشور يقول عن الحرية أنها:
«
خاطر غريزي في النفوس البشرية، فبها نماء القوى الإنسانية من تفكير وقول وعمل، وبها تنطلق المواهب العقلية متسابقة في ميادين الابتكار والتدقيق»
ولذا جعل الطاهر الحرية من مقاصد الشريعة الإسلامية.
وكان المصلحون في العالم الإسلامي دعاة للحرية يرفضون أن ينتقص أحد من حريتهم أو حرية جماهيرهم، ولذا كانت روحهم الوثابة طاقة تحرر، فجمال الدين الأفغاني رفض أن يخضع الفلاح لسيد يأخذ غلة أرضه وحبات عرقة ويستعبده في الأرض.
وقد حاول البعض أن يصور الإسلام أنه دين يضاد الحرية ويقاوم الإبداع ويفرض على أتباعه الاستسلام، استنادا إلى مقولات منسوبة لبعض الفقهاء، رغم أن القرآن هو الكتاب الأول الذي يدافع عن حرية الإنسان وكرامته، فالقرآن ربط الحرية بالمسؤولية الاجتماعية، وجعل منها قوة تحرر، فهو يغرس ثقافة الحرية في نفوس أتباعه منذ الكلمة الأولى
«
لا إله إلا الله»،
يقول المفكر المغربي علال الفاسي:
فما كان الإنسان ليصل إلى حريته لولا نزول الوحي»
ويقول أديب العربية المنفلوطي عن الحرية:
«
الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروما منها عاش في ظلمة حالكة يتصل أولها بظلمة الرحم وآخرها بظلمة القبر».
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]