اعتادت جماعة من الضفادع على الانتقال من مكان لآخر ارتباطا بالظروف المناخية المحيطة، ففي إحدى الهجرات الجماعية سقط ضفدعان في بئر عميق، فأخذت الضفادع تتجمع حول فوهة البئر وتهتف بالضحيتين هتاف المُحبطين:" إن البئر عميق فلا فرصة لكما بالنجاة"، فأما الضفدع الأول فدب اليأس والإحباط في نفسه بعد سماع صيحات المحبطين الجهلة وأستسلم وكف عن محاولات النجاة بنفسه، وأما الضفدع الثاني فكان أصم لا يسمع فأخذ يقفز من حجر لآخر حتى نجا بعكس صديقه الذي مات نتيجة لاستجابته لنداء المحبطين.
يا أيها الناس علينا أن نتقي الله بكل "بنت شفة" أي كلمة تصدر عن لساننا فلنكن حريصين بحوارنا مع الناس ولنكن بناءين بحديثنا لنرفع فيه الهمم ولا ننكسها مثل "المجرمين" المثبطين، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبكم قائلا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، فالكلمة الطيبة صدقة وعبادة نتقرب بعملها إلى الله عز وجل حيث أن الله وصفها في كتابه بالشجرة الطيبة ذات الأصل الثابت والفروع التي تناطح السحاب والتي تؤتي أكلها كل حين وشبه الكلمة الخبيثة "المُحبطة" بالشجرة الخبيثة التي لا أصل لها ولا ثمر لها.
على الفرد منا أن يختار كلماته بعناية فائقة حتى تكون طيبة ترصد في ميزان حسناته لتكون له جسرا إلى الجنة وسترا من نار جهنم، وعلينا الحذر من التفوه بالكلمة الخبيثة التي يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رب كلمة يقولها صاحبها لا يلقي لها بالا تهوي به في جهنم سبعين خريفا"، فالكلمة الطيبة هي النجاة النفس واستقامة الفرد وصلاح المجتمع وتشييد عوامل نهضته، أما الكلمة الخبيثة هي هلاك النفس وانحراف الفرد وفساد المجتمع ومعول هدم كل صحوة تنبت في أرضه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه ورجليه أضمن له الجنة"، ويقصد بالأولى لسانه والثانية فرجه، فهيا نضمن ألسنتنا وحديثنا ونتجنب إحباط الآخرين وتكسير مجاديفهم والكذب والنميمة وقذف المحصنات الذي يعتبر من السبع الموبقات أي المهلكات، ونتقي الله حيثما كنا فحينئذ نستبشر سألين الله أن تجب لنا الجنة.
__________________