بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فهذه آية عظيمة أنقل إليكم فيها كلام العلامة الشنقيطي -رحمه الله- من كتابه الجليل "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن".
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}
[الفرقان: 30]
معنى هذه الآية الكريمة ظاهر، وهو أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - شكا إلى ربه هجر قومه ، وهم كفار قريش لهذا القرآن العظيم، أي : تركهم لتصديقه والعمل به.
وهذه شكوى عظيمة، وفيها أعظم تخويف لمن هجر هذا القرآن العظيم ، فلم يعمل بما فيه من الحلال والحرام والآداب والمكارم ، ولم يعتقد ما فيه من العقائد ، ويعتبر بما فيه من الزواجر والقصص والأمثال.
فلنحرص على الجد والاجتهاد في تدبر هذا الكتاب العظيم، ولنتدارك ما بقي من أعمارنا، فإن الحجة قائمة والطالِب مُعان بفضلٍ من المنّان..
يقول العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسير قوله -تعالى-: {ولقد يَسَّرْنا القرآنَ للذِّكْرِ فهل من مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]
أي: ولقد يسَّرْنا وسهَّلْنا هذا القرآن الكريم ألفاظه للحفظ والأداء ومعانيه للفهم والعلم؛ لأنَّه أحسن الكلام لفظاً، وأصدقُه معنىً، وأبينه تفسيراً؛ فكلُّ من أقبل عليه؛ يَسَّرَ اللّه عليه مطلوبه غاية التيسير، وسهَّله عليه.
والذِّكر شاملٌ لكل ما يتذكَّر به العالمون من الحلال والحرام وأحكام الأمرِ والنَّهْي وأحكام الجزاء والمواعظ والعِبَرِ والعقائِد النَّافعة والأخبار الصادقة.
ولهذا كان علم القرآن حفظاً وتفسيراً أسهل العلوم وأجلُّها على الإطلاق، وهو العلمُ النافعُ الذي إذا طلبه العبدُ؛ أُعِينَ عليه.
قال بعضُ السَّلف عند هذه الآية: هل من طالب علم فيعان عليه. ولهذا يدعو اللّه عباده إلى الإقبال عليه والتذكُّر بقوله: {فهل من مُدَّكِرٍ}
> اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا <