عباد الرحمان
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] هم عباد اختصهم الله بحبه واصطفاهم.. كما يقول الأب لابنه على سبيل المثال ولله المثل الأعلى:"أنت ابنى" أى أنه يتشرف ببنوته لأنه بار بأبيه دون بقية أبنائه.. وهو لقب تشريفىلعباد الله الطائعين فقد وصف الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى سورة الإسراء قائلا:"
سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" ووصف العديد من أنبيائه بهذه الصفة فقال:"
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (17 سورة ص) كلمة ذا الأيد أى أن الله قد جمع له قوة القلب وقوة البدن فى الطاعة، الإنسان أحيانا يكون عنده رغبة فى الطاعة، لكن الكسل يمنعه أو المرض أو إرهاق العمل، فالرغبة لا يطيقها البدن، وأحيانا يكون فى الإنسان عافية وقدرة ولكن يمنعه النوم، فلا يقوم الليل، فاجتمع فى داود قوة القلب على الطاعة وقوة البدن وهذا من أفضال الله جل وعلا على عباده.
أما أيوب عليه السلام فوصفه الله بالعبودية فقال: "
واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب" (سورة ص 41-42) أى وجعلناه فى ذلك قدوة لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا وليتأسوا به فى الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء وله الحكمة البالغة فى ذلك.
وأى شخص يستطيع أن يحظى بشرف العبودية لله إذا أحب فالشاعر يقول:
ومما زادنى فخرا وتيها وكدت يأخمصى أطأ الثريا
دخولى تحت قولك يا عبادى وأن سيرت أحمد لى نبيا
يعنى الشاعر يفتخر بعبوديته لله، أما كيف تحقق أنت عزيزى القارئ هذه العبودية فهذا أمر سهل جدًا وليس مقصورا على الأنبياء فتستطيع أن تتحلى بصفات عباد الرحمن وبمجرد تحليك بها فقد دخلت فى زمرة عباد الرحمن وهنيئا لك بتلك المنزلة.. فقد كنت يوما أسير فى الشارع فتعثرت بفتاة فاعتذرت لها فلم تقبل اعتذارى وظلت تشتمنى بأقبح الشتائم وتذكرت على الفور أن عباد الرحمن إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا ووجدتها فرصة ذهبية لكى أصبح من عباد الرحمن المذكورين فى الآية فلم أرد عليها بل تركتها وانصرفت فمشت وراءى وظلت تمطرنى بوابل من الشتائم ما يقرب من العشر دقائق وأنا لا أرد حتى تعبت وملت فانصرفت وأحسست بسعادة غامرة أنى حفظت لسانى وأحسست أنى أصبحت بذلك من عباد الرحمن.
ولقد حاز عباد الرحمن هذه المنزلة لتمتعهم بصفات معينة أوجزها لنا القرآن الكريم "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".
والله تعالى جعل العبودية وصفاً لأكمل خلقه، وأقربهم إليه، فقال [ ص: 122 ] لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا وقال:"
إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون". : 123
وجعل الله سبحانه البشارة المطلقة لعباده، فقال تعالى:"
فبشر عبادى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" وجعل الأمن المطلق لهم، فقال تعالى:"
ياعبادى لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين" وعزل الشيطان عن سلطانه عليهم خاصة، وجعل سلطانه على من تولاه وأشرك به، فقال:"
إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين" وقال
[ص: 124] إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون.
وقال أيضا:"
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى".