ما حكم تشبيك الأصابع إذا كان في المسجد ؟
إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ
فَلا يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ ، فَإِنَّهُ فِي صَلاةٍ
صححه الألباني
الحمد لله
هذا من آداب الخروج إلى المسجد التي جاءت بها السنة :
أنه لا يشبك يديه
عن أَبي ثُمَامَةَ الْحَنَّاط أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَدْرَكَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ قَالَ : فَوَجَدَنِي وَأَنَا مُشَبِّكٌ بِيَدَيَّ فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ ، فَإِنَّهُ فِي صَلاةٍ ) رواه أبو داود (562) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فهذا الحديث دليل على النهي عن تشبيك الأصابع حال المشي إلى المسجد للصلاة ؛ لأن هذا العامد إلى المسجد في حكم المصلي
قال الخطابي رحمه الله : " تشبيك اليد هو إدخال الأصابع بعضها في بعض , والاشتباك بهما , وقد يفعله بعض الناس عبثاً , وبعضهم ليفرقع أصابعه عندما يجده من التمدد فيها , وربما قعد الإنسان فشبك بين أصابعه واحتبى بيديه , يريد به الاستراحة , وربما استجلب به النوم , فيكون ذلك سبباً لانتقاض طهره , فقيل لمن تطهر وخرج متوجهاً إلى الصلاة : لا تشبك بين أصابعك ؛ لأن جميع ما ذكرناه من هذه الوجوه على اختلافها لا يلائم شيءٌ منها الصلاة ولا يشاكل حال المصلي " انتهى من "معالم السنن" (1/295)
وقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ذي اليدين في موضوع سجود السهو بلفظ : ( فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّه غَضْبَانُ , وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى , وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ....) رواه البخاري (482) ومسلم (573) .
ولا منافاة بين هذا وما قبله ؛ لأن هذا التشبيك وقع بعد انقضاء الصلاة في ظنه صلى الله عليه وسلم , فهو في حكم المنصرف عن الصلاة , ويكون النهي خاصاً بالمصلى ؛ وبمن قصد المسجد ، لأن ذلك من العبث وعدم الخشوع .
قال الإمام البخاري رحمه الله : " بَاب تَشْبِيك الأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ " وأورد أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبك بين أصابعه في المسجد وغيره ، منها حديث ذي اليدين المتقدم
قال الحافظ ابن حجر عن الجمع بين هذه الأحاديث وأحاديث النهي :ـ
" وَجَمَعَ الإِسْمَاعِيلِيّ بِأَنَّ النَّهْيَ مُقَيَّد بِمَا إِذَا كَانَ فِي الصَّلاةِ أَوْ قَاصِدًا لَهَا ، إِذْ مُنْتَظِر الصَّلاةِ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي . . ثم قال الحافظ : وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا النَّهْي عَنْ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ ضَعِيفَة كَمَا قَدَّمْنَا " انتهى .
"فتح الباري" (1/565) .
ومما يحسن التنبيه عليه أن من المصلين من يعبث بأصابعه يفرقعهما , وهذا عبث لا يليق بالمصلي , وهو دليل على عدم الخشوع , إذ لو خشع القلب لخشعت الجوارح وسكنت
وعن شعبة مولى ابن عباس قال : صليت إلى جنب ابن عباس ففقَّعت أصابعي , فلما قضيت الصلاة قال : لا أمَّ لك ! تفقع أصابعك وأنت في الصلاة ! رواه ابن أبي شيبة (2/344) وقال الألباني في "إرواء الغليل" (2/99) : سنده حسن .
والخلاصة : أن تشبيك الأصابع مكروه لمن خرج إلى الصلاة , حتى يفرغ من الصلاة ، وأن الجالس في المسجد لا حرج عليه في تشبيك أصابعه إلا إ ذا كان ينتظر الصلاة ، فيكره له تشبيكها
والله أعلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]