يواجه اللواء الرئيس، زين العابدين بن علي، انتفاضة ضخمة يقودها شباب بطال بولاية سيدي بوزيد، ثار على تردي أوضاعه الاجتماعية، خصوصا بسبب ارتفاع نسبة البطالة والتهميش وتضييق السلطات الأمنية على بعض التجار، الذين يعرضون سلعهم على أرصفة الطريق، لكن النقابيين يقولون إن المطالب أكثر من ذلك، تتعلق خصوصا بغياب العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.
المتظاهرون يصفون النظام بـ عصابة السراق ، حيث أفادت مصادر تونسية، ان أساتذة ونقابيين وتلاميذ ثانويات شاركوا في المظاهرات، التي انطلقت، منذ اسبوع، ورفعوا شعارات تندد بالفساد الحكومي والمحسوبية في توزيع فرص العمل على أبناء الجهة، إضافة إلى التهميش واستشراء البطالة والفقر في سيدي بوزيد. ومن الشعارات التي رفعوها وكرروها التشغيل استحقاق.. يا عصابة السراق ما يمثل تلخيصا جليا للاتهامات المتصاعدة وتنديدا واضحا من الشباب التونسي وإدراكه بأن نظام اللواء بن علي يستغل النفوذ والسلطة لخدمة مصالح أقربائه وأصهاره ووضع ثروة البلاد تحت تصرفهم .وتعد الانتفاضة ، التي تعيشها مدينة سيدي بوزيد بمثابة الدليل على فشل حكومة الرئيس زين العابدين بن علي، الذي يقود تونس منذ ثلاثة وعشرين سنة، في إيجاد حلول واقعية ملموسة للانتفاضة الأولى، التي اندلعت في فيفري 2008 والمعروفة بالحوض المنجمي، واستعمل القوة لإخمادها.
وللمرة الثانية وقع النظام التونسي في نفس الخطأ، حيث أرسل تعزيزات أمنية كبيرة إلى مدينة سيدي بوزيد والمدن المجاورة لها لقمع المظاهرات. وبحسب مصادر إعلامية متطابقة ونقابيين تونسيين، فإن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، جنّد ترسانة من قوات الأمن من مختلف الأسلاك، لقمع تلك الانتفاضة، التي فاجأت النظام التونسي، الذي يعرف عنه أن لا يتسامح أبدا مع المعارضة ولا الاحتجاجات، ولو كانت سلمية وبطريقة حضارية.
وكان المتظاهرون قد رفعوا شعارات تندد بالظلم والاقصاء والتهميش الاجتماعي واستحواذ الأقلية على الثروة الوطنية في تونس.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أربع انتفاضات شعبيةفي ظرف سنتينتشهد تونس، منذ أكثر من أسبوع، احتجاجات ومظاهرات اجتماعية في محافظة سيدي بوزيد، وسط البلاد، أرجعها سكان المدينة إلى تردي ظروفهم المعيشية وتهميش السلطات لهم. لتضاف بذلك سيدي بوزيد، التي تقع على بعد نحو 265 كلم جنوب العاصمة، إلى تلك المناطق التي انتفضت على السلطات، مثل تلك التي عرفتها جنوب البلاد، وتحديدا منطقة الحوض المنجمي بمحافظة قفصة ومحيطها على الحدود الجزائرية غربا، وبلدة بن قردان على الحدود الليبية شرقا.
وما يثير التساؤلات حول تلك الانتفاضات الشعبية، انها لم تكن مهيكلة من نقابات عمالية أو جمعيات أو أحزاب سياسية معارضة، بل جاءت كرد فعل شعبي على ممارسات وقرارات السلطات المركزية في الحكومة التونسية، حيث تعرف تلك المناطق الجنوبية بأنها الأعلى في نسب البطالة والفقر وتغييبها ضمن المشاريع التنموية، التي تنحصر وتخصص دائما في المدن الممتدة على الشريط الساحلي.
وإذا عدنا إلى أحدث الانتفاضات، التي شهدتها تونس، فأهمها على الاطلاق، تلك التي انطلقت في بلدة الرديف بمحافظة قفصة، وفريانة بمحافظة القصرين سنة 2008، وأفضت المواجهات بين سكانها وقوات الأمن إلى سقوط قتيلين ومئات الجرحى والمعتقلين، رغم أن سكان المنطقتين حاولوا فقط التنديد بـ الفساد الحكومي والمحسوبية في توزيع فرص العمل وتهميشهم في المشاريع التنموية .
أما في شهر أوت المنصرم، فجرح المئات من المتظاهرين من بلدة بن قردان للمطالبة بإعادة فتح
معبر رأس جدير الحدودي، الذي أغلقته ليبيا، بعدما تأكد شباب المنطقة أن قرار الغلق جاء بناء على طلب من السلطات التونسية. وفسر القرار آنذاك انه محاولة من السلطات التونسية، لوقف تدفق السلع الليبية، التي ساهمت في انتعاش النشاط التجاري لسكان المنطقة الحدودية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]انتفاضة سيدي بوزيد... الأخطر والأعنفوتعد انتفاضة سيدي بوزيد الأعنف والأخطر بين تلك التي عرفتها تونس، خلال السنتين المنصرمتين، وذلك إثر محاولة الشاب الجامعي، محمد بوعزيزي، الذي كان بطالا، حرق نفسه، احتجاجا على حرمانه من بيع الخضروات والفواكه، وبعدها توفي شاب تونسي ثاني عاطل عن العمل بصعقة كهربائية، لدى تسلقه عمودا كهربائيا ومسكه أسلاكا تتجاوز قوتها 30 ألف فولت. لتمتد بذلك موجة الغضب الشعبي لتشمل كل مدن المحافظة.
وأمام تلك الانتفاضة الكبيرة للشباب التونسي بمحافظة سيدي بوزيد، اتخذت الحكومة التونسية قرارا بارسال تعزيزات أمنية ضخمة لمحاصرة الاحتجاجات، لكي لا تمتد إلى كامل المدن التونسية، لكن الاشتباكات، التي وقعت بين المتظاهرين ورجال الشرطة، أفضت لسقوط أول ضحية برصاص حي، وهو الشاب محمد لعماري الذي لا يتجاوز ثماني عشرة سنة، وجرح عشرة آخرين في مدينة منزل بوزيان المحاذية لسيدي بوزيد، ونجم عن تلك المواجهة، حرق ثلاث سيارات للحرس الوطني وأحرق المتظاهرون بناية تابعة للحرس الوطني من الخارج بعدما فشلوا في اقتحامها، كون الأعوان استعملوا الذخيرة الحية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]صورة الشاب محمد البوعزيزي قبل حادثة احراق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد
الحكومة تريد إسكات الانتفاضة بـ15 مليون دولار و300 عقد تشغيليقول سياسيون في تونس، إن زين العابدين بن علي لم يفهم رسالة السباب التونسي، الذي أقدم لأول مرة على استهداف رموز الدولة وهيئات حكومية ومرافق عمومية ومقرا لحزب التجمع الدستوري الحاكم. وهو ما يعني أن الانتفاضة الاجتماعية تحمل رسالة سياسية واضحة، تندد بالاستحواذ على الثروة والسلطة واحتكارها من المسؤولين المقربين من زين العابدين بن علي وحزبه الحاكم على حساب الشعب التونسي، سيما في المناطق الجنوبية. وأول ما لجأت اليه الحكومة، هو فرض حصار إعلامي وطوق أمني على سيدي بوزيد، وفسرت وزارة الداخليــــة التونسيـــــة مقتل شاب تونسي وجرح عشرة آخرين بالرصاص الحي، أنه دفاع شرعي عن النفس ، رغم ان شهود عيان ضمن المتظاهرين أكدوا أن المظاهرات كانت سلمية.
وكحل لانتفاضة الشباب البطال في تونس، أقدم الرئيس بن علي على إصدار قرار يقضي بتخصيص 15 مليون دولار لإطلاق دفعة أولى من المشاريع، ومنح 306 إشعارات على تمويل حكومي لعدد من مشاريع الشباب البطال.
وتعد انتفاضة سيدي بوزيد رسالة واضحة من الشباب التونسي، للتعبير عن الممارسات غير العادلة للنظام التونسي من حيث توزيع الثروة والمشاريع التنموية، ومناسبة للمطالبة بالحقوق الشاملة، التي ظل النظام التونسي لا يسمح بها أبدا. فرغم ان العديد من التقارير تشيد بالاستقرار والنمو الاقتصادي في تونس، إلا ان أحداث سيدي بوزيد، تؤكد مجددا ان النمو الاقتصادي دون أن يواكبه انفتاح سياسي وعدالة اجتماعية، قد يكون مصيره الانهيار الكلي.
ألبوم صور لقمع مسيرة العاصمة تونس يوم أمس 27-11-2010