زنى بامرأة بعد أن قال لأمه وأخته إنها زوجته فهل تم الزواج بذلك حقا
السؤال : تعرفت على سيدة مطلقة ولديها ولدان عمرها مثلى 44 سنة وهى بصدق إنسانة محترمة وجيدة جدا ..حدث بيننا مشاعر طيبة ثم تحولت إلى علاقة جنسية ..ولكني أعلمت أختي وأمي وأخي أن هذه السيدة تزوجتها .فهل بتعريفي لأختي وأمي وأخي أكون بذلك أشهرت الزواج ..أو يكون ما حصل بيننا حراماً...أفـدني أرجوك
الجواب :
الحمد لله
الزواج عقد شرعي له شروطه وأركانه ، وأهمها : أن يعقده ولي المرأة ، في حضور شاهدين عدلين ذكرين مسلمين ، فلا يصح النكاح بلا ولي ولا شهود ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ ) رواه أبو داود ( 2085 ) والترمذي (1101 ) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ ) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7557
وقوله صلى الله عليه وسلم : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم : (2709) .
وينظر جواب السؤال رقم : (2127) .
ولو كان النكاح يتم بما ذكرت ، لأمكن كل زان فاجر أن يزعم لعشيقته أنه تزوجها ، وأن يخدعها بذلك ، أو يخدعا أنفسهما بذلك ، فإذا قضى منها وطره ، لم يكن لأحد سلطان عليه ، لأنه لا زواج في الحقيقة ، وهذا من أعظم التحايل على المحرمات الظاهرة التي لا يخفى حرمتها وقبحها على أحد ، فإن الزنا من كبائر الذنوب ، وفاعله معرض لأشد العقوبات ، قال الله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ) الإسراء / 32 .
وأوجب الله فيه من العقوبة الشديدة ، ما من شأنه أن يكون رادعا وزاجرا لمن يقدم عليه . قال تعالى في بيان حد الزاني البكر - أي : غير المحصن - : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور/2 .
أما المحصن ـ وهو من سبق له الزواج ودخل بزوجته ـ فجعل حده الرجم بالحجارة حتى الموت ، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (3199) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ) .
وأخبر صلى الله عليه وسلم عن عقاب الزناة ، فيما رآه في منامه ، حين أتاه ملكان : ( فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا ) رواه البخاري (1386).
وفي رواية له أيضا (7047) : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا [أي : صاحوا] قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلَاءِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ ) الحديث ، وفي آخره : (وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) .
وروى ابن خزيمة وابن حبان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا فقالا اصعد فقلت إني لا أطيقه فقالا إنا سنسهله لك فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا أنا بأصوات شديدة فقلت ما هذه الأصوات قالوا هذا عواء أهل النار ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما ، قال قلت من هؤلاء قيل هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم فقال خابت اليهود والنصارى فقال سليم : ما أدري أسمعه أبو أمامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيء من رأيه ، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم أشد شيء انتفاخا وأنتنه ريحا وأسوأه منظرا فقلت من هؤلاء قال هؤلاء قتلى الكفار ، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم أشد شيء انتفاخا وأنتنه ريحا كأن ريحهم المراحيض قلت من هؤلاء قال هؤلاء الزانون ...) والحديث صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (2393).
فسارع إلى التوبة والندم والاستغفار ، واقطع علاقتك بهذه المرأة ، فإن أردت الزواج منها - بعد حصول التوبة منكما - فطريق الزواج يعرفه كل أحد ، وأوله خطبة المرأة من وليها .
نسأل الله أن يوفقك للتوبة والأوبة ، وأن يعفو ويتجاوز عنك .
والله أعلم .