قال الله لموسى : يا موسى لم أجعل ذلك لنفسي فكيف أجعله لك ؟
السؤال: قال موسى عليه السلام يناجي ربّه : رب نجني من ألسنة الناس . قال : يا موسى ! أنت تطلب شيئاً لم أصنعه لنفسي ؟!
الجواب :
الحمد لله
لم نقف على هذا الأثر بالإسناد المعتمد ، ولم نجده في كتب السنة والآثار ، وإنما رأيناه في بعض كتب الرقائق والمواعظ بغير إسناد ولا إحالة معتمدة .
يقول ابن مفلح المقدسي رحمه الله :
" وقال موسى صلوات الله عليه : يا رب ! إن الناس يقولون فيَّ ما ليس فيَّ !
فأوحى الله إليه : يا موسى : لم أجعل ذلك لنفسي ، فكيف أجعله لك " انتهى.
" الآداب الشرعية " (1/7-8)، ونحوه في " قوت القلوب " لأبي طالب المكي (2/309)، " سراج الملوك " لأبي بكر الطرطوشي (229) ترقيم الشاملة.
ونحن – وإن كنا لا نثبته لعدم وقوفنا على مستنده – إلا أن معناه لا يظهر فيه ما يستنكر ، ؛ فالله عز وجل لم يقض - فيما قضاه من السنن الكونية – ألا يجاوز أحد من خلقه فيه الحد ، وألا يعامله أحد من البشر بما لا يليق بجلاله وعظمته ، بل أخبرنا سبحانه وتعالى عن أقوام قصروا في جنبه، ولم يعرفوا له قدره عز وجل ، فقال : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) الأنعام/91، وقال سبحانه: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج/74. وقال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) الزمر/67.
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ) رواه البخاري (7378)، ومسلم (2804)
والفائدة من ذلك أن لا يكون نقد الحساد وطعن المغرضين سببا في فتور المسلم عن نجاحه وتقدمه ، ولا سببا في حبوط همته وضعف عزيمته ، وليتذكر دائما أن الله عز وجل ، والملائكة ، والرسل والأنبياء لم يسلموا من الشتم والأذى .
والله أعلم.